عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل.
يبين الحديث قيمة التصدق وبيان أن الله يربي الصدقات لأصحابها فهي تجارة رابحة مع الله وأوضح حديث الرسول في بدايته أن الصدقة لابد أن تكون من كسب طيب وقوله (بعدل تمرة) أي بمقدار أو بقيمة تمرة ثم قال من كسب طيب والمراد هنا أن تكون من رزق حلال فالله لا يقبل صدقة من غلول والغلول: هو أذى إن قارن الصدقة أي لازمها أبطلها وقال الله في كتابه العزيز: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم}.
فقد يكون الغلول هو المعصية اللاحقة بالطاعة بعد تقررها تبطل الطاعة وفي قوله لا يقبل الله إلا الطيب. وقال القرطبي: إنما لا يقبل الله الصدقة بالحرام لأنه غير مملوك للمتصدق وهو ممنوع من التصرف فيه (فإن الله يتقبلها بيمينه) أي يأخذها بيمينه من المتصدق ثم يربيها أي يضاعفها لصاحبه (كما يربي أحدكم فلوة) والفلوة هي المهر أو كل فطيم من ذات الحوافر.
والرسول : ربط الصدقة بالتربية لأن تربية الوليد أكثر إحتياجاً للأم فتربيته حتى يكبر ويكبر ويربي الله عز وجل الصدقة لصاحبها حتى تكبر وتكون مثل الجبل
الحديث الموضوع:
إنهم يتأولون على النبي... الحديث الموضوع: وهو ما كان في إسناده كذاب أو كان في سنده بعض الضعفاء أو المجاهيل مع كونه مما يصان الرسول عن التلفظ به وإنما دس على السنة ولم يرد عن النبي ولقد ظهر الوضع في الحديث الشريف واستباحة الكذب على النبي في أعقاب الفتنة الكبرى التي أحدثها النزاع المسلح بين
الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وما أدى أليه مصرعه من أحداث كان من أبرزها ظهور الخوارج الذين ابتدعوا مذهب التكفير والغلو في الدين وكان أخطر ما ظهر هو إنفراد السلطة منذ معاوية بإحتكار الفتوى.
وقد أدرك السلف الصالح حجم هذه الكارثة فسارعوا يضعو ن الضوابط للتمييز بين الأحاديث من حيث درجتها من الصحة والبطلان و من الضعف والكذب. ولابد أن نجتهد معا لنوضح بعض الأحاديث الشائعة التي نتداولها عن الرسول وهي موضوعة على سنته ونعرض منها: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود "
والحديث رواه العقيلي ورواه أبي الدنيا ورواه الطبراني ورواه أبو نعيم في الحلية ورةاه في سنده سعيد بن سلام وكذبه الإمام أحمد وهو حديث موضوع. اعاذنا الله وإياكم شر الفتن.
وما ينطق عن الهوى: ومن الإنسان ما لا يفنى: هل تصدق أن هناك جزء من جسدك لا يفنى ولا يتحلل؟ إنها حقيقة أخبرنا بها رسولنا الكريم محمد وأثبتها العلم حديثا فقد قال رسول الله " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب من خلق ومنه يركب " رواه مسلم
من المعروف أن جسد الإنسان يتآكل ويتحلل في التربة بعد الموت ولكن هناك جزء وحيد من جسد الإنسان لا يتآكل ولا يتأثر بالتحلل وهذا الجزء هو عجب الذنب.
ولكن ما هو عجب الذنب ؟ عجب الذنب هو عظمة في حجم حبة الخردل في نهاية العصعص يبدأ رسول الله : حديثه بقول (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب) بمعنى أن جسد الإنسان كله يبلى ويتحلل فيما عدا هذا الجزء الضئيل المسمى بعجب الذنب ومن هنا يظهر السؤال أيوجد في أجسادنا ما لا يفنى؟ أيوجد ما لا تستطيع جميع الإمكانيات البشرية القضاء عليه؟
نعم وهو عجب الذنب كما قال رسولنا الكريم فقد أثبتت جميع التجارب أن إفناء عجب الذنب كيميائياً أو فيزيائياً بالحرق أو السحق إشعاعياً يعتبر أمرا مستحيلاً. ولم يتوقف إعجاز رسولنا الكريم عند هذا الحد ولكنه تعداه إلى حقيقة علمية أخرى في قوله منه خلق وهنا يظهر سؤال آخر: كيف خلقنا من تلك الحبة الصغيرة ؟
ظل هذا السؤال محيراً للعلماء فترة طويلة فمنهم من كان موقناً بمصداقيته ثقتة في رسولنا أي دلائل ومنهم من كان هدفه إثبات كذب محمد وإدعاؤه للنبوة وأصبح هذا الحديث مجالاً للصراع ولكن الله عز وجل حسم هذا الصراع ونصر نبيه فقد توصل العلماء إلى أن عجب الذنب هو أساس الشريط الأول الذي يخلق منه جسد الإنسان في المرحلة الجنينية.
فمنه ينشأ شريط دقيق للغاية يسمى الشريط الأولي الذي يتخلق في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار الرحم ويعمل هذا الشريط على تشكيل الجنين وتكوينه فقد أعطى الله تعالى هذا الشريط الدقيق المقدرة على تحفيز الخلايا على الإنقسام والتجمع في أنسجة متخصصة وأعضاء متكاملة للقيام بكافة وظائف الجسم ونقف الآن أمام قول النبي منه يركب فماذا يعني؟
والمقصود بمنه يركب أن الإنسان يتكون في يوم القيامة من عجب الذنب فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ما بين النفختين أربعون ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة " رواه البخاري
فإذا أراد الله تعالى بعث الناس أنزل من السماء ماء فتنبت الأجساد من التراب كما ينبت النبات من الأرض إذا نزل عليه الماء في الدنيا ولهذا نجد أن الله سبحانه وتعالى قد ربط في أكثر من آية بين البعث والنشور وبين إحياء الأرض مثل قوله تعالى {فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون}... الأعراف 57.
ويعتبر حديث المصطفى من أكبر الأدلة على نبوءته كما يعتبر معجزة علمية سابقة لكافة العلوم الحديثة فقد تعرض الرسول لقضية علمية غيبية في زمن لم يكن لمخلوق العلم بها فإن لم يكن نبياً يأته الوحي فمن أين أتى بكل هذه المعرفة والعلم؟
ومكن أين له بمعرفة عجب الذنب منذ هذا الزمن البعيد فعلم الله أن الإنسان سيتوصل إلى هذه المعلومة عن عجب الذنب في يوم من الأيام فعلمها لنبيه لتكون دليل على صدق نبوءته ورسالته على مر السنين.
وتبقى هذه الإشارات العلمية والحقائق في كتاب الله وسنة رسوله دليلاً على صدق رسالة الإسلام ودعوته إلى دين الحق. فسبحان الله الذي خلق فأبدع وعلم فعلم وأوحى إلى نبيه محمد وأعطاه التبليغ.